محطات المياه

تمثل الطواحين المائية آليات معقدة والعديد من التفصيلات المدهشة. تعتمد وظيفتها علي تحويل الطاقة الحركية للمياه المتدفقة وتحويلها لحركة آلات طحن القمح. وتتكون الطواحين المائية من جزئين رئيسيين:

١. برج الإسقاط، وهو بناء مرتفع تسقط المياه من أعلاه لتكتسب الطاقة اللازمة

٢. المبني الرئيس للطاحونة المائية وسواء كان كبيرا أم صغيرا كان يحتوي دائما علي الجزئين التاليين: الجزء الأسفل من المبني (قبو يسمى زوريو) ويحتوي علي العجلة الدوارة وهي الجزء الأول من الآلية والذي يتلقي الطاقة من الماء الساقط. إن الزوريو مكان قليل الارتفاع بحيث لا يمكن للانسان أن يقف فيه إلا محنيا. وكان الطحان يتحكم في الآلية من الطابق الأرضي ولا يحتاج لدخول الزوريو إلا لإصلاح كسر أوعطب للعجلة.  تدير المياه العجلة الدوارة المتصلة  بالطاحونتين عن طريق محور خشبي عمودي. لذلك كان الطابق الأرضي جافا تماما حيث تمر المياه المتدفقة من خلال برج الإسقاط مباشرة الي القاعدة “القبو” ثم تخرج بعد ذلك من المبنى الرئيسي.

مبني الطاحونة المائية عادة ما كان يبني بالحجر الجيري والملاط (الملاط الجيري أوالطين أو الرمل). تتكون أبسط الطواحين المائية من مبني مستطيل له قبو (زوريو) وسلسلة من الأقواس الحجرية لتدعيم السقف. لكن توجد أيضا العديد من المباني متعددة الطوابق ومتعددة الحجرات. السقف عادة ما كان يصنع من فروع الأشجار والخيزران مع الطين أو من ألواح الشست محمولة علي عوارض. في بعض الأحيان كان يلحق بالطاحونة منزل صغير للطحان، مما يبين عمل الطاحونة دون انقطاع طوال العام. وعادة ما كانت تحتوي الطاحونة أيضا علي موقد.

تعمل الطواحي المائية بنظام مثير: تتدفق المياه الى قناة الأفقية الضيقة قبل أن تصل إلى الطاحونة. في نهاية هذه القناة تدخل المياه الى القناة العمودية التي كانت تقع داخل برج الإسقاط الحجري (قناليو) وهكذا تسقط من ارتفاع 15الى 20 م (أو حتى أكثر في بعض الحالات). هذه القناة الرأسية داخل البرج كانت في بعض الأحيان أوسع في الجزء العلوي وأضيق في الجزء السفلي.

ينتهي الجزء السفلي من برج الإسقاط  بأنبوب أفقي حجري (إسفونارا). في بعض الأحيان، هذا الأنبوب كان متصلا  بأنبوب أفقي آخر، ويدعي إسفوني ، والذي كان عمليا جذع شجرة مجوف. كانت أنابيب المياه الخشبية تؤدي إلى العجلة الدوارة في الطابق السفلي من الطاحونة المائية. العجلة الدوارة كانت إما خشبية أو معدنية. العجلات الخشبية (المستخدمة على نطاق واسع في منطقة  كورونيدا) تتألف من سلسلة من الأجنحة الخشبية، متصلة بشكل دائري بمحور خشبي (إسفونتيلي) في وسط العجلة.  العجلة الدوارة (خشبية او معدنية) تبدأ في الدوران بسبب طاقة المياه وتنتقل حركتها إلى أحجار الرحى من خلال المحور الخشبي الذي كان يربط بين هذين المستويين من الآلية (القبو والطابق الأرضي).

                    Image courtesy of Hydria Virtual Museum
Image courtesy of Hydria Virtual Museum

Hydria Virtual Museum

كان القمح يطحن بين اثنين من الطواحين المستديرة : الأكبر  كان في وضع ثابت مع وجود ثقب في الوسط يمر من خلاله محور خشبي. حجر الرحى الأصغر ، فوق الأول ، كان متصلا بالمحور الخشبي، مما يعني أنه بمجرد أن تبدأ العجلة بالدوران، فإن حجر الرحى العلوي يدور كذلك. لذلك فإن  القمح كان يطحن بين اثنين من الحجارة ويدفع إلى محيطها نظرا لقوة الطرد المركزية، ثم  يتم تجميعه في حاويات خاصة.

إن النظام المستخدم لإدخال القمح إلى الآلية مثير للاهتمام أيضا إننا نجد أن هناك حاوية خشبية على شكل هرم مقلوب (cofinida) تقع أعلى أحجار الرحى والتي تسمح للقمح بالتدفق من ثقب في أسفلها. هذه الحاوية شملت أيضا نظاما متطورا لتنظيم تدفق القمح. ويوجد  عنصر علي شكل حرف U تحت الحافة السفلى للحاوية  ويسمي   (oula)، يرتبط به خيط ينتهي بقطعة صغيرة من الخشب. ميل العنصر  علي شكل حرف U كان ينظم عمل هذا النظام ويحدد كمية القمح التي تتدفق. في مركز  حجر الرحى المتحرك توجد اسطوانة خشبية (trohouli)، وقاعدتها العلوية كانت على شكل قلعي.  وكانت عصا خشبية صغيرة رأسية (vardari)  مثبتة في قاع حاوية القمح، لذلك ، مع الدوران تهتز حاوية القمح، مما يجعل القمح يقع بين حجري الرحى ، حيث كان يطحن.

كان للطواحين أيضا آلية لتحديد ما إذا كان الطحين المنتج سوف يكون  دقيق الحبيبات أو  خشن الحبيبات. كان يتم التحكم فيه عن طريق   آلية خشبية (anevatis) : الحافة السفلى متصلة بقاعدة العجلة الدوارة (trapeza) (مصنوعة من الخشب أو الحجر) والحافة العلوية تمر فوق الطابق السفلي لتظهر على الطابق الأرضي، في شكل مقبض. من خلال رفع هذا مقبض خشبي ، ودعم ذلك في موقع مرتفع باستخدام دعامات خشبية ، كانت ترفع قاعدة الآلية بالكامل ارتفاعا طفيفا، وبالتالي كان حجر الرحى العلوي أيضا يرتفع قليلا عن السفلي، وبالتالي تنتج الطحين ذو الحبيبات الخشنة. لإنتاج الطحين ذو الحبيبات الدقيقة،  يضبط anevatis بحيث تكون أحجار الرحى اكثر تقاربا.

ويوجد عنصر خشبي مشابه  (stamatiras) كان يستخدم أيضا لضبط تشغيل الطاحونة المائية إيقافها. كان يوضع هذا العنصر عموديا مع  حافة داخل القبو وحافته العلوية تظهر في الطابق الأرضي. برفعه ، يتحرك لوح خشبي يقع أمام  أنبوب المياه (sfouni) وذلك لتحويل المياه عن العجلة الدوارة الى النهر. الآلية الدوارة عندئذ تتوقف. الطحان كان قادرا على استخدام كلا النظامين (anevatis وstamatiras) من الطابق الأرضي ، دون الحاجة إلى الذهاب إلى الطابق السفلي.في الواقع ، ما هو واضح من مجمل آلية الطاحونة المائية المعقدة  أنه يمكن أن يشغلها شخص واحد فقط وهو الطحان.

وفي النهاية يتم تحويل المياه المستخدمة  إلى النهر. عادة ، تخرج المياه من الطابق السفلي (zourio) عبر قناة كبيرة تؤدي إلى النهر أو  الحدائق المجاورة لاستخدامها في الري. لذلك، فإن الطاحونة المائية التقليدية  صديقة للبيئة،  آلية  تستخدم الطاقة الحيوية والحركية للمياه تجنب الوقوع في استهلاك المواد الخام لانتاج الطاقة ، وتجنب أيضا إنتاج النفايات أو أي من المنتجات الثانوية.

                    Image courtesy of Hydria Virtual Museum
Canal at the exit of the basement in order to lead the water back to the river.

Hydria Virtual Museum

Next: الوضع الحالي