محطات المياه
اخترع سكان الجزيرة عبر السنين عدة آليات مثيرة للاهتمام لسحب المياه من الآبار
إحدي هذه الآليات التقليدية كانت تسمى آيراني aerani. كان هذا الاختراع بسيط جدا، وكان يستخدم لكميات صغيرة من المياه من الآبار الضحلة. كان يقوم على نظام ا”لقوة – نقطة الارتكاز – رد الفعل”. وكانت هناك عصا خشبية تثبت رأسيا في الأرض علي مسافة مترين أو ثلاثة أمتار من البئر. ويثبت المحور الأفقي الخشبية بمسامير على العصا الرأسية، وتستخدم كقاعدة لعنصر آخر خشبي يدور حول العصا الرأسية. تثبت صخرة ثقيلة على الطرف تستخدم كثقل للتوازن، في حين توجد على الطرف الآخر عصا طويلة معلقة عموديا ومنها يعلق الدلو.
في الوضع المبدئي لهذا النظام ، يجبر وزن الصخرة النظام على الوقوف عموديا في حين يكون الدلو معلق تقريبا على قمة البئر. ومع شد العصا لأسفل فإن الدلو يَُغمر بماء البئر، وبعد أن يمتلئ الدلو بالماء، يرفع وزن الصخرة الدلو إلي وضع جديد، على مقربة من قمة البئر. وكان يكفي القليل جدا من القوة لرفع الدلو إلى السطح وسحب المياه مجددا.
ويوجد أيضا في العديد من القرى في ناكسوس عدد من الآبار ذات آليات الرفع. أبسطها تتكون من اسطوانة معدنية يمكن أن تدار يدويا من خلال كرنك معدني. يتدلى الدلو من حبل في البئر ليمتلئ، ثم يرفع عن طريق تدوير هذه الآلية يدويا.
بناء آخر أُستخدم من أجل رفع كميات أكبر من المياه من الآبار العميقة، نظام الرفع هذا كان أكثر تعقيدا. في البداية تم احضار هذا النوع من الروافع من بيريوس، ولكن خلال الحرب العالمية الثانية احتاج سكان ناكسوس إلى زيادة المساحات المزروعة لمواجهة المجاعة، لذا زادت كميات المياه اللازمة للري. و كان لزاماعليهم أن يخترعوا أسلوبا من أجل بناء مثل هذه الآليات بأنفسهم.
النظام بأكمله كان معدني ويتكون من ثلاثة أجزاء أساسية هي: الاسطوانة والعجلات المسننة والدلاء “الدلو”
لاسطوانة كانت هي الجزء المحوري او المركزي للآلية، وكانت توضع وتثبت جيدا فوق البئر وتتكون من قاعدتين دائريتين مصنوعة من المعدن متصلة ببعضها عن طريق جزء مخروطي الشكل. وتوجد أجنحة معدنية علي محيط هذا الجذع المخروطي. إحدي القاعدتين الدائريتين للاسطوانة بها ثقوب متعددة الأضلاع
تحرك العجلتين المسننتين الاسطوانة، عن طريق ربطها ببغل وبذلك يُفعل النظام كله. وكانت أول عجلة مسننة توضع أفقيا، بجوار الاسطوانة، وعلى رأسها قطعة طويلة من الخشب بطول 3 أو 4 متر تقريبا. يدور البغل حول البئر ساحبا الساق الخشبية الطويلة وبالتالي تدور العجلة المسننة الأولى، والتي تنقل الحركة إلي الثانية التي توضع عموديا في حين أن العجلة المسننة العمودية كانت موازية لقواعد الاسطوانة ومتصلة بها. وبناء عليه يتم تفعيل الآلية بالكامل وتبدأ الاسطوانة في الدوران .
هذه الآلية يتضمن أيضا سلسلة من الدلاء المعدنية الصغيرة ، والتي كانت متصلة مع بعضها البعض في سلسلة مغلقة. هذه السلسلة الطويلة من الدلاء وُضعت حول الأسطوانة، وجزء منها كان معلق داخل البئر. ومع حركة الاسطوانة، فإن سلسلة الدلاء تتبع نفس الحركة.
يقوم البغل بتدوير العجلات المسننة، والتي تنقل الحركة للاسطوانة والدلاء، بينما تكون تلك الموجودة في الجزء الأسفل من السلسلة مغمورة بالماء. وهكذا نصف الدلاء ترفع صعودا ، ملآنة بالماء ، والباقي تسحب لأسفل فارغة. عندما تصل الدلاء إلى قمة الأسطوانة ، يسكب الماء بين أجنحة الاسطوانة فتخرج بفعل الجاذبية من الثقوب المضلعة في قاعدة للأسطوانة، ومن هناك تسكب وتخزن في الحوض.
جزء عبقري لهذه الآلية هو المفتاح (كليدي kleidi) وهو نظام الأمان الذي يحول دون دوران هذه الآلية في الاتجاه المعاكس، ويسمح بالحركة في اتجاه واحد فقط. كان المفتاح أيضا معدنياً وحافته كانت تقع بين تروس العجلة المسننة الأفقية والتي هي رأسية من جانب وقطرية من الجانب الآخر. عندما يتوقف البغل عن الدوران، فإن وزن الدلاء المملوءة يسحب الاسطوانة إلى الوراء، في حين المفتاح يمنع هذا ويتداخل مع أسنان العجلة، وبالتالي يمنع حركتها.