ملحق

هل يقدر الناس ويحبون كثيرا الأماكن التي يقل فيها الماء، يبدو أن هذا  الأمر صحيحا بالنسبة لسكان الصحاري والواحات.فطقوس الماء ” تغنجة ” ( طقوس شعائرية للتوسل من أجل الاستسقاء خلال فترات الجفاف)، وعاشوراء ومظاهرها الاحتفالية وصلوات الاستسقاء والشعائر والإيقاعات السحرية البيضاء.كل هذه الأشكال هي بمثابة سجل قيم وغير مدون.إن الماء يعد جزءا هاما ولا مفر منه في الحياة بالواحات.فقد تعلم السكان أيضا، كيف يحافظون على الماء ويدبرونه وكيف يعطون قيمة لهذه النعمة ( هدية من الله) التي يمثلها الماء.بل إنهم استطاعوا وخلال قرون إبداع ثقافة غنية لتنمية  وتطوير هذا الإرث الطبيعي.

مقاربة اثنولوجية لخلفية الواحات

إن سكان الواحات يعرفون قيمة العمل الشاق والأنشطة المثمرة تمنحهم السعادة والرضى.كما أن تقاليدهم في تدبير قناة السقي  وحقوق الماء والقصور لا تقدر بثمن، ولذلك فإن المعرفة الأكاديمية هي في حاجة أحيانا إلى بذل المزيد من الجهد لفهم الواحات.

أشار بيير بورديو في كتابه الضخم ” بؤس العالم ”  بأن صانعي القرار غالبا ما يجدون صعوبة في الإنصات إلى الفقراء وفهم معاناتهم وخاصة من لدن البيروقراطية التي تسد الطريق في وجههم.

لفهم نظم الري والماء بالمناطق الجافة وشبه الجافة، من الهام جدا  تحديد ما المقصود بكل من الصحراء والواحة.فالصحراء ليست مجالا فارغا تنعدم فيه الحياة.فواحة غريس وبصورة خاصة، ليست مجرد حرارة حارقة في فصل الصيف (C°45 + في شهر يوليو) والثلج والبرد في الشتاء (- 5C°  في شهر يناير ) أو قلة في الأمطار (265 ملم في الشمال و60 ملم في الجنوب).ومن تم لا ينبغي النظر إلى الصحراء من زاوية واحدة، وإنما يجب مقاربتها عبر جوانب متعددة.فقبل كل شيء هناك الاختلافات الطوبوغرافية المتعلقة بارتفاع الأرض عن مستوى سطح البحر والمسافة من المجاري المائية والجيولوجيا ونوع وجودة التربة والأهم من كل شيء هي الرغبة الكامنة لدى الإنسان.

ما هي الواحة؟ كيف يتم تعميرها بالسكان؟ كيف تنظم؟ ما هي مؤسساتها الرئيسة؟ يمكن على المستوى الإمبريقي التمييز بين حالات مختلفة :

  • –   الرعاة يأوون الرحل، وهؤلاء الرحل يتركون بدورهم مصادر الماء لبعض القبائل المحرومة من حقوقها كقبائل.
  •    تقررعائلة الأولياء بناء زاوية وإحداث تجمع سكاني
  • –   كانت الواحات بمثابة مركز عسكري وسياسي،
  •  أصبحت الواحات طريقا تجارية إجبارية

من يسكن في الواحات؟  أمبريقيا يمكن الإشارة إلى حالات متنوعة  :

  •    قبائل دون أية مهام عسكرية.
  •    العشائر التي فقدت الرابطة القبلية.
  •     العائلات الكبيرة والمتجاورة.
  • –   مجموعة من الأولياء.
  •    الفلاحون المهاجرون من افريقيا شبه الصحراوية
  •   اللاجئون، السكان الذين يعملون وفق قواعد محددة، القبائل العسكرية (الكيش) التي كانت لها صلات  مع الدول التي تعاقبت على حكم المغرب

لاشيء يشبه سكان الواحات ما عدا الكثبان الرملية للصحراء، فهي ناتجة عن عمل الرياح التي تحملها وتجمعها.والسكان يشبهون هذه الكثبان، يتحركون، يغيرون ويسافرون.إنها ديناميكية شمولية لكنها عرضة للتدمير.

الحكايات الشفهية حول سكان واحة غريس

استنادا إلى الرواية الشفهية ، فإن السكان الأوائل لواحة غريس هم من العائلات الدينية المنحدرة من ولي شهير قدم من منطقة أخرى ذات أهمية تاريخية، علما بأن الدوافع وراء سفره غير معروفة، وقد نمت  العائلة الأولى التي استوطنت الواحة بأعداد كبيرة.وما ينبغي الاحتفاظ به في أذهاننا أن النقص في الغذاء  والتصحر كانا سائدين في الجنوب  المغربي من منطقة سوس إلى منطقة فكيك.ويبدو أن هذا الولي كان يسعى إلى مجد لم يكن قادرا على تحقيقه في منطقته الأصلية.والواقع أن كل الطلاب الدينيين ( الطلبة) يبحثون عن أن يعترف بهم  سواء عن طريق التجارة أو التفاني في العبادة وأحيان من خلال مخلص منتظر.

يحرص الولي على تحسين التربة ويحفر الآبار العميقة التي تتطلب مساعدة من لدن أسر قادرة على القيام بالأعمال الشاقة.ويتم إنجاز ذلك  بفضل العبيد المحررين  أو فلاحي الواحات ( الحراطين / مفردها حرطاني) الذين قد ترجع أصولهم إلى ضفاف أنهار السينغال والنيجر.ووفق ما تشير إليه الأسطورة، فلكي يعيش الولي في أمن وسلام  يعقد مع الرحل  اتفاقيات تمكنه من السيطرة على الواحات بهدف تنمية مواردها.

أهم المجموعات الثلاثة التي تعمل في الواحات :

– الأولياء (إكورامن) أو السلطات الدينية،

– العائلات التي تقوم بالأعمال الشاقة التي كانت موجودة قبل مجيء السكان العرب أو السكان المتكلمين بالبربرية،

– الحراطين والرحل كقبائل ذات نزعة عدوانية.

وبالرغم مما طرأ على كل هذه الفئات من تغير باستمرار، فإن صلابة البنية الاجتماعية أفضت إلى مجتمع طبقاته مغلقة، بحيث أن كل واحد يعرف مكانه (ها) طبيعته ودوره في المجتمع.

من الواضح أنه توجد بالواحات بعض الميكانيزمات  التي تدور حول الماء والأرض كحاجات نادرة تتطلب تدبيرا جيدا من أجل جعل الحياة (البقاء) أمرا ممكنا. ولذلك، فإن البنية الاجتماعية  تميز بين الملاك  القانونيين للأرض والماء، وبين التدبير الجيد طبقا للتقاليد وقوانين التحكيم، بالنسبة لأولئك الذين يستعملون وبصفة أساسية التربة والماء للري، وأولئك الذين يحمون ويحافظون دائما على السلم في الواحات ضد الهجمات العدوانية للرحل.

Next: الاعتمادات / الموارد